“الدكتور حسين المصري” يكتب : عام هجري جديد.. انطلاقة روحانية وبداية للتأمل والتجديد

مع غروب شمس آخر أيام شهر ذي الحجة، تبدأ الأمة الإسلامية صفحة جديدة من تاريخها، معلنة حلول العام الهجري الجديد، الذي يُعد مناسبة روحانية عظيمة تتجدد فيها القيم، وتُستحضر فيها المعاني السامية للهجرة النبوية الشريفة، التي شكلت نقطة تحول في تاريخ الإسلام، وبداية تأسيس الدولة الإسلامية على مبادئ العدل والمساواة والتسامح.
يأتي العام الهجري الجديد ليعيد إلى الأذهان تلك اللحظة الفارقة التي غادر فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم مكة مهاجرًا إلى المدينة المنورة، ليس هروبًا من الاضطهاد، بل سعيًا لإقامة مجتمع جديد قائم على الإيمان والعمل المشترك والمواطنة الصالحة. وتظل هذه المناسبة درسًا متجددًا في الإصرار والصبر والتخطيط الحكيم، وقبل ذلك كله في التوكل على الله.
ويستقبل المسلمون في شتى بقاع الأرض هذه المناسبة بالدعاء والابتهال، والحرص على الطاعات، والتفكر في مسيرة عام مضى، وما حمله من إنجازات أو إخفاقات، وأخذ العبر والعظات منه، والاستعداد لعام جديد يُرجى فيه الخير والسلام والنماء.
العام الهجري الجديد لا يحمل فقط بعدًا دينيًا، بل يُعد فرصة للمراجعة الذاتية والانطلاق من جديد نحو إصلاح النفس والأسرة والمجتمع، وتعزيز أواصر المحبة والتكافل، والسعي إلى البناء والتنمية.
وفي مصر، كما في سائر الدول الإسلامية، تحرص المؤسسات الدينية على إحياء الذكرى الهجرية بخطب وندوات ومسابقات دينية، تؤكد على معاني الهجرة، وتدعو إلى العمل من أجل نهضة الأمة وتماسكها في وجه التحديات، والتمسك بالقيم الأخلاقية النابعة من تعاليم الإسلام.
وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها العالم، وما تشهده بعض الأقطار الإسلامية من أزمات، تتجلى حاجة المسلمين إلى استلهام روح الهجرة النبوية، كدعوة للوحدة والتكاتف، ونبذ الفرقة، ونشر قيم السلم والإخاء بين الناس.
كل عام هجري وأنتم بخير، ونسأل الله أن يكون عامًا تنقشع فيه الغمّة، وتزدهر فيه الأمة، ويعمّ فيه الأمن والسلام على سائر بلاد المسلمين والعالم أجمع.