اقتصاددين وحياةسياحة وسفرسياسةعاجل

محاصيل لم نكن نزرعها من قبل وأصبحت ممكنة… وأخرى انقرضت بسبب التغيرات المناخية

بقلم: د. رشا ربيع الجزار

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي يشهدها كوكبنا، لم تعد الزراعة كما كانت. فقد تبدلت حدود الزراعة التقليدية، وظهرت مفاجآت لم تكن بالحسبان. فهناك محاصيل جديدة أصبحت تنمو في أراضٍ لم تعهدها من قبل، بينما اختفت محاصيل كانت جزءًا من هوية تلك البيئات لعقود طويلة. فما الذي يحدث تحديدًا؟ وكيف يؤثر المناخ على ما نزرع وما نأكل

🌿 محاصيل صاعدة في أماكن جديدة
مع ارتفاع درجات الحرارة في المناطق الباردة، وتطور أنظمة الري ووسائل الزراعة الحديثة، أصبحت بعض الدول قادرة على زراعة محاصيل لم تكن مناسبة لظروفها المناخية سابقًا. ومن أبرز هذه الأمثلة:
الزيتون في جنوب إنجلترا: نتيجة دفء الطقس، بدأت زراعة الزيتون تنجح في مناطق لم يكن ذلك ممكنًا فيها من قبل.
العنب في الدول الإسكندنافية: مثل السويد والدنمارك، حيث تنتشر مزارع إنتاج العنب لصناعة النبيذ المحلي.
القمح في شمال كندا وروسيا: بعد ذوبان الجليد، أصبحت هذه المناطق صالحة لزراعة القمح، ما يفتح آفاقًا جديدة للإنتاج الغذائي.
وفي مصر، تشهد الزراعة تحولات ملحوظة تعكس مدى قدرة المزارع المصري على التكيف مع المستجدات المناخية. حيث ظهرت محاصيل جديدة لم تكن تُزرع من قبل، لكنها اليوم تمثل فرصًا استثمارية واعدة للاقتصاد القومي، ومن أبرزها:
فاكهة التنين (الدراجون فروت): وهي من الفواكه الاستوائية عالية القيمة الغذائية والاقتصادية، وقد أثبتت قدرتها على التأقلم مع المناخ المصري، خاصة في المناطق الصحراوية.
التوت البري (بلو بيري): يُعد من الأغذية “الفائقة” (Superfoods) ويُحقق عوائد تصديرية مرتفعة. وقد نجحت عدة مزارع محلية في إنتاجه بجودة تنافس المعايير العالمية.
أشجار البن (القهوة): وهي من المفاجآت الحديثة، حيث بدأت محاولات ناجحة لزراعة البن في بيئات مصرية مختارة، ما يعكس فرصة استراتيجية على المدى الطويل لفتح باب جديد من التصدير الزراعي.
هذه التجارب تُظهر أن المناخ المتغير لا يعني فقط التهديد، بل أيضًا فرصًا جديدة لإعادة رسم خريطة الزراعة في مصر، إذا ما تم استثمارها بعلم وتخطيط.
🍂 محاصيل إلى زوال بسبب المناخ
في المقابل، هناك محاصيل بدأت في التراجع أو حتى الانقراض من بعض البيئات بسبب شدة التغيرات المناخية، ومنها:
الكاكاو في غرب أفريقيا: يواجه خطر الانقراض نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار، مما يهدد صناعة الشوكولاتة عالميًا.
القمح في الشرق الأوسط: تأثرت زراعته سلبًا بسبب موجات الجفاف وندرة المياه، ما يُعد تحديًا كبيرًا للأمن الغذائي في المنطقة.
البن العربي (Arabica): وهو من أجود أنواع القهوة في العالم، بدأ في التراجع من موطنه الأصلي بسبب حساسيته الشديدة لتغير درجات الحرارة وارتفاع الرطوبة.
🔍 ما بين التحدي والفرصة
ما نشهده اليوم هو إعادة تشكيل لخريطة الزراعة العالمية. فبينما نفتقد بعض المحاصيل التي كانت رمزًا لبيئات بعينها، تتيح لنا الطبيعة فرصًا جديدة إذا أحسنا التفاعل معها.
⁉️السؤال الأهم الآن:
👈هل نستطيع تطوير أصناف زراعية مقاومة للمناخ؟
هل نُحسن إدارة مواردنا الطبيعية بأساليب ذكية ومستدامة؟
هل نستثمر في الذكاء الاصطناعي لمراقبة وتحسين الإنتاج الزراعي؟
الزراعة لم تعد مجرد نشاط تقليدي قائم على العادات، بل أصبحت في قلب معركة بقاء على كوكب يتغير كل يوم. والمستقبل سيكون لمن يُحسن التكيف ويقود التغيير العلمي والتكنولوجي في خدمة الأرض والإنسان.
📌 د. رشا ربيع الجزار
باحثة في التربية البيئية وتكامل العلوم والذكاء الاصطناعي في التعليم
كلية التربية – جامعة الفيوم

Facebook Comments Box

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى