كوكب على حافة الأزمة… هل ينقذه عقل صناعي؟

✍️ بقلم: د.رشا ربيع الجزار
باحث أكاديمي في التربية البيئية
في الوقت الذي تتسارع فيه التكنولوجيا، وتخترق الذكاء الاصطناعي كل مجالات الحياة، يقف كوكب الأرض في مواجهة تهديد بيئي غير مسبوق. التغيرات المناخية لم تعد توقعات نظرية، بل تحوّلت إلى كوارث متتالية نعيشها: موجات حر شديدة، فيضانات عارمة، حرائق مدمرة، وشح في الموارد الأساسية.
وسط هذه الصورة القاتمة، يتساءل كثيرون:
هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون المنقذ الحقيقي؟
أم أنه مجرد واجهة براقة لا تغيّر من المصير شيئًا؟
الواقع يقول: الذكاء الصناعي حاضر… لكن التهديد مستمر
في يونيو الجاري، أعلنت شركة Google عن نموذج جديد للذكاء الاصطناعي يُستخدم لتوقع الأعاصير قبل حدوثها بـ15 يومًا، بدقة تفوق النماذج التقليدية. وفي خطوة مماثلة، أطلقت شركة Nvidia مشروع “Climate in a Bottle” الذي يهدف إلى محاكاة المناخ المستقبلي بدقة غير مسبوقة.
من ناحية أخرى، حذّرت هيئة البيئة البريطانية من خطر استنزاف المياه بسبب التوسع الهائل في مراكز بيانات الذكاء الصناعي، والتي تستهلك كميات ضخمة من الطاقة والمياه في التبريد والتشغيل، دون شفافية كافية في الإبلاغ أو الرقابة.
هل نحن نستخدم الذكاء لإنقاذ الكوكب… أم لتعميق أزماته؟
الذكاء الاصطناعي أداة، وفاعليته تتوقف على طريقة استخدامنا له.
قد يُسهم في حماية البيئة بالتنبؤ بالكوارث، وتحليل البيانات، ومساعدة صناع القرار.
لكن إذا أسيء استخدامه أو تم تجاهل أبعاده البيئية، فقد يتحوّل إلى أحد العوامل المساهمة في تسريع التدهور البيئي.
دعوة مفتوحة قبل فوات الأوان
نحتاج اليوم إلى استراتيجية شاملة تجمع بين التكنولوجيا والوعي البيئي، تُشرف على استخدام الذكاء الصناعي ضمن حدود الاستدامة، وتُدمج التربية البيئية في منظومات التعليم والإعلام، وتضع البيئة في قلب التخطيط التكنولوجي.
إن كوكبنا لا يحتاج إلى منقذ خارق، بل إلى إنسان عاقل يعرف كيف يوظف أدواته بضمير.
فهل ننتبه قبل أن يتحوّل الذكاء الاصطناعي من أمل إلى لعنة بيئية جديدة؟
—