العالم على صفيح ساخن.. وإعادة تشكيل الخريطة الجيوسياسية
بقلم: د.رشا ربيع الجزار
استفاق العالم خلال الأشهر الماضية على مشهد دولي مضطرب، تتصدره المواجهات بين إيران وإسرائيل، وتتخلله تحركات دولية صامتة تُعيد رسم خريطة النفوذ من جديد. لم تعد الحرب نظامًا تقليديًا قائمًا على الجيوش والدبابات، بل صارت مزيجًا من التكنولوجيا، والعقوبات، والحرب النفسية، والتحالفات الملتبسة.
🔥 المواجهة الإيرانية الإسرائيلية: صراع يتجاوز الحدود
الضربات المباشرة بين إيران وإسرائيل مؤخرًا لم تكن مجرد “ردود فعل”، بل كانت رسائل استراتيجية موجّهة للعالم كله:
إيران تؤكد أنها خرجت من مرحلة الردع إلى الهجوم.
إسرائيل تحاول فرض هيبتها، رغم اهتزاز الداخل بعد فشل استراتيجيات الحسم السريع.
أمريكا تظهر كحليف داعم، لكن واقعياً أصبحت تُعيد حساباتها في الشرق الأوسط.
🌪️ الفوضى العالمية: من الشرق الأوسط إلى شرق أوروبا
في ظل هذا الصراع، لا يمكن تجاهل ما يحدث في أوكرانيا، أو ما تفعله الصين في بحر الصين الجنوبي. إننا أمام عالم متعدد الأزمات، ومن أبرز ملامحه:
تصاعد سباق التسلح التكنولوجي.
تشكّل محاور جديدة: (روسيا – الصين – إيران) في مقابل (أمريكا – أوروبا – إسرائيل).
ضعف المنظمات الدولية أمام تعقيد الأزمات.
—
🇪🇬 وماذا عن مصر؟ العقل الهادئ في العاصفة
هنا يأتي السؤال الأهم: أين موقع مصر من كل ما يحدث؟
في الحقيقة، مصر اتبعت استراتيجية بالغة الذكاء في التعامل مع الأحداث الجارية:
🛡️ 1. الحياد النشط:
مصر لم تنحز لطرف ضد آخر، لكنها لم تقف صامتة.
تمارس دبلوماسية هادئة لكنها فعّالة مع كل الأطراف، وتُبقي على قنوات تواصلها مفتوحة شرقًا وغربًا.
🗣️ 2. قوة الخطاب السياسي:
التصريحات المصرية دائمًا متوازنة، تدعو للتهدئة، وتحذر من الانفجار، وتتمسك بقرارات الشرعية الدولية.
🏗️ 3. تركيز داخلي على الاستقرار:
رغم الأزمات الخارجية، تواصل مصر بناء قدرتها الاقتصادية والعسكرية.
تسعى الدولة لتعزيز الاستقلالية الاستراتيجية بعيدًا عن التبعية لأي محور.
🤝 4. محور السلام والوساطة:
مصر تبقى اللاعب الأهم في الملف الفلسطيني.
وتلعب أدوارًا حاسمة في التهدئة بين الأطراف المتصارعة.
—
✍️ كلمة أخيرة
العالم يتغير، والقوة لم تعد فقط في امتلاك السلاح، بل في امتلاك الرؤية والحكمة.
ومصر، رغم كل التحديات، تقف اليوم في موقع الدولة العاقلة وسط ضجيج التصعيد.
ربما لا تظهر كثيرًا في العناوين، لكنها تحرك المشهد من خلف الستار، كما تفعل الأمم الكبرى.
