“الدكتور حسين المصري” يكتب: “انتخابات مجلس الشيوخ 2025.. لحظة اختبار حقيقية للديمقراطية المصرية في عهد الرئيس السيسي”

في صباح اليوم السبت، الخامس من يوليو 2025، تخطو مصر خطوة جديدة على طريق ترسيخ دعائم الجمهورية الجديدة، حيث أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات رسميًا فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ اليوم السبت ، في واحدة من أبرز محطات العمل السياسي والديمقراطي خلال السنوات الأخيرة.
ليس مجرد فتح باب للترشح، بل لحظة رمزية تعكس حجم التحول الذي شهدته الدولة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، فالمشهد الانتخابي اليوم لم يعد كما كان من قبل، لم يعد مجرد استحقاق دستوري يُؤدى، بل بات جزءًا من مشروع وطني يسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة على أسس المشاركة والشفافية والعدالة السياسية.
وما يلفت انتباه من يتابع عن كثب تطور الحياة السياسية في مصر هو حجم الاستعدادات غير المسبوقة التي وفرتها الهيئة الوطنية للانتخابات، فهناك إدراك واضح بأن أي انتخابات نزيهة تبدأ من إجراءات صارمة، شفافة، وذات مصداقية ، ولعل تجهيز اللجان بأنظمة باركود، وطابعات إلكترونية، وتوفير بطاقات بلغة برايل، وما إلى ذلك من أدوات، دليل قاطع على هذا التوجه الجاد.
ما يعنيني هنا ليس فقط التقنية والتنظيم، بل الرسالة ، بل هناك رغبة في منح الجميع فرصة متكافئة، حتى ذوي الإعاقة ، وهذا تطور مهم، يعكس تغيرًا في فلسفة الدولة تجاه فكرة “التمثيل” و”الحق في المشاركة”.
كذلك، فإن تعديلات قانون مجلس الشيوخ، التي سمحت بتمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 10%، وتنوع أنظمة الترشح بين الفردي والقوائم، ثم تعيين ثلث الأعضاء بواسطة رئيس الجمهورية، تعكس مقاربة مرنة للجمع بين الكفاءة والتمثيل السياسي المتوازن.
ولا يمكن الحديث عن هذه اللحظة دون الإشارة إلى المناخ السياسي العام.
في رأيي، التجربة السياسية المصرية باتت أكثر نضجًا منذ 2014، فالدولة أصبحت تدرك أن قوتها لا تُقاس فقط بالبنية التحتية والمشاريع، بل أيضًا بقوة المؤسسات، وبالقدرة على إدارة الخلافات داخل إطار سياسي منظم وقانوني، والانتخابات الحالية تمثل اختبارًا لهذا المفهوم.
فالأحزاب السياسية أيضًا أصبحت أكثر وعيًا، وأكثر قدرة على قراءة المشهد. فتصريحات عدد من قياداتها تؤكد أنهم ينظرون إلى هذه الانتخابات باعتبارها فرصة لترسيخ قواعد التعددية والمشاركة، وليس فقط سباقًا على المقاعد، وفي هذا، تبرز أهمية الدور الإعلامي في تغطية هذه الاستحقاقات بمهنية، بعيدًا عن الاستقطاب أو التهويل.
ما نحتاج إليه الآن هو أن يدرك المواطن أن هذه ليست معركة الأحزاب وحدها، بل معركته أيضًا. معركة لإثبات أن صوته له قيمة، وأن المشاركة هي الطريق الأوحد للحفاظ على الوطن وتعزيز استقراره.
في النهاية، تبقى انتخابات مجلس الشيوخ 2025 فرصة واعدة لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن، وتأكيد أن مصر تمضي بثبات نحو ديمقراطية متدرجة، ناضجة، تحترم الدستور وتستجيب لتحديات الواقع، في ظل قيادة سياسية تعي أن الديمقراطية ليست ترفًا، بل ضرورة وطنية لضمان بقاء الدولة المصرية.