الدكتور حسين المصري يكتب : العشر الأوائل من ذي الحجة.. أيام النفحات الربانية وفرص الفوز بالجنة

مع بداية شهر ذي الحجة، تتجه أنظار المسلمين في شتى بقاع الأرض إلى أيامٍ عظيمة أقسم الله بها في كتابه الكريم، فقال: “وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ”، وهي العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، التي تعد من أعظم الأيام وأحبها إلى الله عز وجل.
هذه الأيام المباركة تجتمع فيها الطاعات وتتنزل فيها الرحمات، ويُعد العمل الصالح فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله، كما ورد في الحديث الشريف عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ قال:
“ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام” قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء”.
موسم الطاعات والتقرب
تُعد هذه الأيام فرصة عظيمة لمن يريد التقرب إلى الله، ففيها يتضاعف الأجر والثواب، ويستحب فيها الإكثار من الذكر، والصيام، والصدقة، وقراءة القرآن، والتكبير، والاستغفار، وصلة الرحم. كما أن يوم عرفة، الذي يأتي في التاسع من ذي الحجة، يُعد من أعظم الأيام، إذ يُكفّر الله فيه الذنوب، ويعتق الرقاب من النار.
عن فضل هذا اليوم، قال النبي ﷺ: “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده”.
الحج والوقوف بعرفة
ويتزامن فضل هذه الأيام مع أداء فريضة الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، الذي يجتمع فيه المسلمون من شتى بقاع الأرض على صعيد واحد، في مشهد مهيب يجسد وحدة الأمة الإسلامية. ويُعد الوقوف بعرفة أعظم أركان الحج، حيث يتجلى الله على عباده، ويباهي بهم ملائكته، ويغفر لهم الذنوب.
دعوة للتوبة والعمل الصالح
في ظل ما تمر به الأمة من تحديات، تمثل هذه الأيام دعوة للتوبة النصوح، ومراجعة النفس، والإكثار من العمل الصالح، وتحقيق التضامن الاجتماعي من خلال الأضحية، التي تُشرّع في اليوم العاشر من ذي الحجة، عيد الأضحى المبارك، رمزًا للتضحية والطاعة.
ختام
إن العشر الأوائل من ذي الحجة هي أعظم أيام العام، ومن لم يُدرِك رمضان، فليغتنمها، ومن قصّر في الشهور الماضية، فليُكثر فيها من العمل الصالح. هي أيام لا تُعوض، وفرصة لا تُقدّر بثمن، لمن أراد الفوز برضوان الله ومغفرته.