اقتصاددين وحياةسياحة وسفرسياسةعاجل

اضطرابات المتوسط.. حين يلتقي التحذير العلمي بالبصيرة النبوية

بقلم: د. رشا ربيع الجزار
باحثة في التربية البيئية – كلية التربية – جامعة الفيوم

في السنوات الأخيرة، بدأت منطقة البحر المتوسط تشهد تقلبات مناخية حادة وغير مسبوقة. ارتفاعات مفاجئة في درجات الحرارة، أمطار صيفية غير معتادة، نشاط غير منتظم للرياح والتيارات البحرية… حتى بدا وكأن البحر يتنفس بقلق. هذه التغيرات ليست مجرد ظواهر عابرة، بل مؤشرات علمية على اختلالات مناخية أعمق تضرب أحد أهم النظم البيئية في العالم.

🔬 التحذير العلمي
تشير تقارير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرامج المراقبة الأوروبية إلى أن البحر المتوسط يُعد من أكثر مناطق العالم تأثرًا بالتغير المناخي. ترتفع درجة حرارته بمعدل أسرع من المتوسط العالمي، مع زيادة ملحوظة في معدلات التبخر، وتقلص في معدلات الأمطار الشتوية. كما يتوقع العلماء أن تشهد المنطقة جفافًا شديدًا في المستقبل القريب، مع تهديد مباشر للتنوع البيولوجي والأمن الغذائي.

📉 ما حقيقة التهديد بتسونامي؟
مؤخرًا، تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرات تتحدث عن “تسونامي وشيك” في المتوسط، مدعومة بمقاطع تُظهر ارتفاعًا في الموج وتغيرات جوية حادة. إلا أن الهيئات العلمية نفت هذه المزاعم بشكل قاطع.
فقد أكدت الدكتورة عبير منير، أستاذة علوم البحار، أن ما حدث هو مجرد اضطرابات في سطح البحر نتيجة لتغير الضغط الجوي والرياح الموسمية، ولا توجد أي مؤشرات على زلازل بحرية أو تصدعات في القاع قد تؤدي إلى تسونامي. كما أوضحت الهيئة العامة للأرصاد والمعهد القومي للبحوث الفلكية أنه لا خطر جيولوجي قائم حاليًا يستدعي القلق.

📖 البصيرة النبوية
اللافت في المشهد أن النبي محمد ﷺ أشار منذ أربعة عشر قرنًا إلى تغيرات جوية ومناخية كبيرة كعلامات من علامات الساعة، ومنها “اختلال الفصول”، وعودة “أرض العرب مروجًا وأنهارًا”. هذه الإشارات النبوية – بلغة زمانها – تتقاطع بشكل مثير مع ما توصلت إليه النماذج المناخية الحديثة، خاصة فيما يتعلق بتبدّل المناخ الإقليمي والتغير في نمط الأمطار.

🌍 حين يلتقي العلم بالإيمان
التحذير العلمي إذن، لا يتعارض مع البصيرة النبوية، بل يؤكدها في ضوء أدوات العصر. إن فهمنا لهذه الظواهر يجب أن يجمع بين الدقة العلمية، والبصيرة القيمية والدينية، لنُدرك أن ما نعيشه من تغيرات ليس مجرد تحديات بيئية، بل دعوة للاستيقاظ، لإعادة النظر في أنماط حياتنا، وسياساتنا، وعلاقتنا بكوكبنا.

🔚 خاتمة
اضطرابات المتوسط ليست نهاية، لكنها رسالة من الطبيعة – وربما من السماء – بأن شيئًا ما قد اختل. وعلينا أن نُصغي جيدًا، لا للأصوات المرتجفة على مواقع التواصل، بل لصوت العلم، ولنداءات الحكمة النبوية التي سبقت زمانها… وتُضيء لنا طريق النجاة.

Facebook Comments Box

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى